طواحين الرياح
كانت المياه من بين مصادر الطاقة الهامة في العصور الوسطى، ولكن حين ضرب الجفاف أصقاع الصحراء العربية كانت الرياح الجافة هى أهم مصادر الطاقة. تعود أصول طواحين الرياح إلى القرن السابع الميلادي من بلاد فارس. يُحكى أن رجلاً فارسياً قد أتى إلى الخليفة عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) وزعم أن بإمكانه بناء طاحونة تعمل بقوة الرياح وهكذا أمره الخليفة ببناء واحدة. وفيما بعد انتشر استخدام قوة الرياح في طحن الذرة ورفع المياه من أجل الري. كانت طواحين الرياح الأولى عبارة عن مباني تتكون من طابقين وكانت تُنشأ على أبراج القلاع أو على قمم التلال. كان الطابق العلوي يحتوي على الرحى المُستخدمة في الطحن بينما الطابق السُفلي كان يحتوي على عجلة تُدار بـ 6 أو 12 شراع رأسي.
كان يتم ثقب جدران الحجرة السفلية بقنوات قُمعية الشكل بحيث يكون طرفها الأضيق موجهاً إلى الداخل من أجل زيادة سرعة الرياح التي تضرب الأشرعة. كانت الرحى تتصل من الأسفل باسطوانة خشبية يبلغ قطرها نحو نصف متر وطولها 3.5 مترا تقف بشكل رأسي، وكان يُثبت بها الأشرعة المصنوعة من أحزمة من أوراق الشجر أو النخل. وعندما تهب الرياح فإنها تلف الأشرعة والتي بدورها تلف الاسطوانة الرأسية والرحى. كان يتولي مهمة بناء تلك الطواحين في العادة الطحان وصبيانه…أي أن هؤلاء هم أسلاف المهندسين الميكانيكيين اليوم!
الكاميرا
فشل العالم المسلم الحسن بن الهيثم في مسعاه للتحكم في فيضان مياه نهر النيل، فما كان من الخليفة الحاكم بأمر الله إلا أن حدد إقامته في منزله! غير أن إقامة إبن الهيثم الجبرية في بيته جعلته يُركز كل مجهوداته ووقته في أبحاثه العلمية. وفي يوم من الأيام لاحظ ابن الهيثم ظاهرة غريبة للغاية، من خلال فتحة صغيرة في شباك منزله رأى شعاع ضوء الشمس في وقت الكسوف ينسل ليسقط على الجدار المقابل له وتكونت صورة لقرص الشمس “المكسوف” متخذا شكلا هلالياً ولكنه كان مقلوباً!وفسر ابن الهيثم تلك الظاهرة بأن أشعة الضوء حين تتقابل عند الفتحة الصغيرة فإنها صنعت شكلاً مخروطياً ثم تقاطع الشعاع العلوي مع السفلي معا ليصنعا شكلاً مخروطياً آخر معاكساً للأول كي تتكون صورة مقلوبة للجسم الموجود وراء الثقب. وأشار إبن الهيثم إلى أنه كلما كان الثقب أصغر كلما زادت جودة الصورة المتكونة على الجدار. ومن وحي المكان أسمى ابن الهيثم اختراعه هذا الحجرة المُظلمة أو القُمرة والتي تترجم في الإنجليزية إلى Camera obscura، وهو الاختراع الذي مهد إلى ابتكار الكاميرات الرقمية كما نعرفها اليوم!
الإسطرلاب: الكمبيوتر التناظري
في عصر الأقمار الصناعية والحواسيب الرقمية وبفارق 1000 عام، يمكننا القول أن الإسطرلاب كان هو كمبيوتر العصور الوسطى! ليس معروف تحديداً أصل الإسطرلاب، ولكنه بلا شك قد شهد تطوراً كبيراً على يد العلماء المسلمون منذ عام 800 ميلادياً والذين استخدموه في قياساتهم الفلكية ولمعرفة أوقات الصلاة. كانت الإسطرلاب هو نموذج ثنائي الأبعاد للسماء، حيث يُبين كيف تبدو السماء في مكان وقت محددين، لذا كان الإسطرلاب نموذجاً لجهاز كمبيوتر تناظري يحل الأمور المتعلقة بمواقع الأجسام الكونية مثل الشمس والنجوم وعلاقتها بالوقت.
كانت بعض الإسطرلابات محمولة وفي حجم كف اليد بحيث كانت بمثابة ساعة جيب لفلكيي العصور الوسطى، فبواسطته يمكنهم معرفة الوقت ليلاً أونهاراً ومعرفة أوقات حدوث الأحداث الفلكية مثل شروق الشمس وغروبها. ويعود الفضل إلى على بن خلف الشكاز والزرقالي في طليطلة بالأندلس في صناعة أول أسطرلاب عالمي يمكن استخدامه في أي مكان بالعالم، حيث أن الإسطرلابات في الأغلب تكون مصممة لمكان بعينه لأن قياساتها تعتمد على موقعها. وجد الإسطرلاب المطور على يد المسلمين وبخاصة الإسطرلاب العالمي طريقه إلى أوروبا حيث ولد علم الفلك الحديث.
الطيران
إن أول مسلم وقد يكون أول من قام بمحاولة حقيقية لإنشاء آلة طيران كان العالم الأندلسي عباس بن فرناس في القرن التاسع الميلادي. قام ابن فرناس بمحاولة طيرانه الأولى الشهيرة في عام 852 ميلادياً، وفيها استخدم عباءة كبيرة مقواه بدعائم خشبية حيث قفز من مئذنة المسجد الكبير في قرطبة. كانت تلك العباءة بمثابة أجنحة وقد هبط باستخدام شئ أشبه بالبراشوت ولكن هبوطه في تلك المرة الأولى لم يكن موفقاً وإن كان البراشوت قد أبطأ من سقوطه فلم يخرج من ذلك الحادث سوى بإصابات بسيطة.
لم ييأس ابن فرناس من فشله في المحاولة الأولى بل كان الفشل دافعا له كي يحسن من تصميمه ويعيد الكرة ولكن تلك المرة من فوق جبل العروس وقد ثبت في ذراعيه أجنحة مصنوعة من الحرير والمغطاة بريش النسور. نجح ابن فرناس في الطيران وحلق في الهواء لمدة 10 دقائق كاملة… قبل أن يسقط عمودياً متسبباً في كسر الأجنحة وإحدى فقرات عموده الفقري! وهنا أدرك ابن فرناس الدور الحيوي الذي يلعبه الذيل في هبوط الطيور حيث تهبط الطيور من جهة الذيل أولاً كما تهبط الطائرات اليوم على عجلاتها الخلفية. لم يمت ابن فرناس جراء تجاربه الخطيره على عكس المعتقد “الشعبي” السائد لكنه للأسف لم يتمكن من مواصلة تجاربه على الرغم من اكتشافه سر الذيل، ولكنه على أي حال يكون بذلك قد سبق محاولة الطيران “الأولى” التي نسبت خطأً للأخوين رايت.
0 التعليقات: